السؤال:
لدي ابن عمره 12 سنة، كثيرًا ما يلح عليّ أن أقوم بشراء جهاز جوال له، يحتوي على كاميرا وخدمة البلوتوث، وأنا أخاف أن يسيء استخدامها.
فبماذا تنصحونني؟ وشكرًا.
الجواب:
أخي الكريم: نشكر لك ثقتك وتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق في الدنيا والآخرة. لا شك أن سؤالك يحوي معاناة كثير من الآباء، وهي شكوى جديرة بالاهتمام، تحتاج إلى شيء من التروي وبعد النظر والاستشارة، وقد يختلف الجواب عليها من شخص لآخر. ومن خلال سؤالك- أخي الكريم- تظهر بعض الأمور التي يمكننا من خلالها الإجابة عليه، فمثلا:
• ابنك عمره 12 سنة وفي مقتبل سن المراهقة.
• أنت تخاف أن يسيء استخدامها، فأنت مقتنع داخليا بعدم صلاحية هذا الجهاز لابنك، فأنت لا تثق بكيفية استخدامه، لاسيما مع وجود الأمثلة الحية في المجتمع، والتي يظهر من خلالها الخلل باستخدام هذا الجهاز بأسوأ صوره!
• ابنك يريد من الجوال (الكاميرا، والبلوتوث)، فليست هناك حاجة لاستخدامه الجهاز.
• يختلف الجواب لو كان طلب الابن لجوال دون (كاميرا أو بلوتوث)، فهنا ينظر إلى حاجة الابن، وسؤالك قد خص وحدد جوال (الكاميرا والبلوتوث) لذلك نحن نجيب عليه.
وبناء على ما ذكرته أعتقد أننا نتفق وإياك على عدم مناسبة إعطاء ابنك هذا الجهاز، لاسيما في مثل هذا العمر، وعدم وجود حاجة حقيقية فعلا لوجود الجوال معه، وانتشار المقاطع المخلة والاستخدامات السيئة للجهاز.
بل إن الصغار عادة يستطيعون التعرف على أسرار هذه الأجهزة، واستخدام الكلمات السرية التي تمنع غيره من الاطلاع على أغوار تلك الأجهزة، وبطرق احترافية، فلا مجال لمبدأ متابعته بعد إعطائه الجهاز.
وأحب أن أنبهك أن إلى هذا الطلب من ابنك أمر غير مستغرب، حيث إن محاكاة من حوله يعد من خصائص النمو في مثل هذه المرحلة، فكثيرون في مثل هذا العمر وفي غيره لا يرغبون في الحصول على بعض الأشياء إلا عندما يرون من حولهم يتداولونها بشكل مستمر.
ويأتي دورنا في كيفية التعامل مع الابن حيال هذه القضية. فمن المهم أن يكون ابنك على قناعة برأيك في هذه المسألة، فلذلك ينبغي أن تناقشه وتحاوره لتصلا إلى قناعة موحدة، والنقاش له فوائد عديدة منها: أن إعطاء ابنك فرصة للإبداء عن رأيه مما يشكل لديه طلاقة في التعبير وقوة في الحجة وصوابا في الرأي وشخصية متزنة غير مكبوتة، وكذلك يفيده في معرفته قناعاتك الشخصية ومبادئك التي يتعين عليه أن يسير وفقها، وليس معنى نقاشه في هذه القضية أو تلك أن يكون محور النقاش هل نفعل أو لا نفعل، وإنما يكون لماذا لم أوافق على رغبتك، كما أن تعرفه على مبادئك التي تنطلق منها يجعله يعرف رأيك في المسائل الأخرى دون كثرة إلحاح، ولكن بشرط أن تكون مبادئك واضحة وقوية، وهذا النقاش أيضا يجعله هو من يترك ما لا تريده من تلقاء نفسه إذا اقتنع بقناعتك أو سار وفق مبادئك، فلست بحاجة بعد ذلك إلى إملاء هذه القناعات بصورة مباشرة، وهذه هي التربية.
أيها الأخ الكريم: أرجو أن يكون لك دور في اختيار صداقات ابنك، ومن يحتك بهم، فمن المهم أن تكون لدى ابنك صداقات لديها القناعات التي تتفق مع قناعاتك الشخصية.
وأعرف جيدا أن التحكم باختيار الصداقات أمر في غاية الصعوبة، ولكن استطاعتك في اختيار ولو بعض الصداقات يعد نجاحا بحد ذاته.
وأتمنى أن تكون حريصا على إيجاد البدائل المناسبة لابنك، وإعطائه بعض الخيارات الأخرى البديلة، فتوضح له حرصك على مصلحته، وأنك لا تقصد حرمانه، فلا بأس أن يختار من البدائل المناسبة التي تقترحها عليه، ليكون أكثر قناعة، ورضا بالنتيجة التي توصلت إليها.
واسمح لي في نهاية إجابتي أن أهمس في أذنك بهذه النصيحة، وهي أن تكون آراؤك مع أبنائك غير قابلة للتغيير إذا كنت على قناعة تامة بها، فلا ترفض أمرًا إلا أن تكون قناعتك تامة بعدم قبوله، فإذا رفضته فلا تفكر في التنازل عنه، لأنك إن تنازلت عنه عاد إليك هذا الأمر بالسلبية، فهذا التنازل يعني لدى ابنك:أن مبادئك هشةٌ وضعيفة، وأن مبادئك يمكن تغييرها بالإلحاح والإصرار، مما يجعل نفَس ابنك طويلا إذا رأى استجابتك، فإن أنت استجبت له بعد إلحاحه عليك لمدة شهر، فإنه في المرة القادمة سوف يطول نَفَسُه معك إلى شهرين، وفي المقابل إذا رأى رفضك ولو بعد شهر من الإلحاح فإنه إلحاحه في المرة القادم سوف يتقلص. وأخيرًا أرجو أن أكون وصلت وإياك إلى شيء مفيد.
الكاتب: فهد السيف.
المصدر: موقع المسلم.